ساحر الاقتصاد.. كيف نسج نجيب ساويرس خيوط طموحه لإمبراطورية لا تعرف المستحيل؟
في عالم تهزم فيه الكثير من الأحجار الكبيرة، تبرز قصة رجل لم يكتفِ بتخطيها، بل استخدمها ليبني قصورا من الإنجاز؛ إنها رحلة نجيب ساويرس، الرجل الذي حول مفردات الاقتصاد إلى قصيدة ملحمية عن النجاح.
انطلقت مسيرته من رحم المؤسسة العائلية، لكن بصيرته كانت تتجه نحو آفاق لم يراها سواه؛ ففي تسعينيات القرن الماضي، وعندما كانت المنطقة على أعتاب تحولات كبرى، لم يرى “ساويرس” حدود الأسواق، بل رأى جسورا من الفرص.
بدأ إمبراطوريته الاقتصادية بتأسيس “أوراسكوم تيليكوم” ليكتب بها أولى صفحات ملحمته، محولا إياها من شركة ناشئة إلى عملاق اتصالاتي يربط بين قارات العالم، لكن لم يكن سر نجاحه يكمن في حجم الاستثمار، بل في توقيته الاستثنائي وقدرته الفذة على قراءة المساحات البيضاء في خريطة الاقتصاد العالمي.
لقد فهم “ساويرس” مبكرا أن ثورة الاتصالات ستغير وجه المنطقة، فكان أول من دق أبوابها، ممسكا بمفاتيح المستقبل قبل أن يطلبها الآخرون.
بعقلية استثنائية تجلت في تحولاته الاستراتيجية الكبرى، بعدما باع حصته في “أوراسكوم تيليكوم” بقيمة قياسية، لم يركن إلى نجاحه، بل رأى في كل تحول اقتصادي فرصة جديدة للانطلاق؛ فأقام “أوراسكوم للاستثمار” كمنصة انطلاق نحو عوالم التعدين والبناء والسياحة، محققا تنوعا استثماريا جعل من إمبراطوريته صرحا قادرا على مواجهة تقلبات الأسواق.
كانت رؤيته الثاقبة تتجلى في سبقه نحو المستقبل، فاستثمر في “سوق دوت كوم” عندما كانت التجارة الإلكترونية حلما بعيدا في العالم العربي، لتصبح اليوم إحدى قصص النجاح الرقمي الأبرز في المنطقة.
ما يميز “قصة ساويرس” هو ذلك التناغم الفريد بين جرأة المستكشف وحكمة الحكيم؛ لقد دخل معارك اقتصادية كان الكثيرون يتحاشونها، لكنه خرج منها منتصرا لأنه فهم قواعد اللعبة قبل أن يبدأها، وأثبت أن النجاح ليس مجرد جمع للثروة، بل هو فن صناعة التأثير وخلق الفرص حيث لا يرى الآخرون سوى التحديات.
تبقى رحلة نجيب ساويرس شهادة خالدة على أن الطموح حين يمتزج بالرؤية يصبح قادرا على تحويل أحجار الطريق إلى سلالم تصعد بها الأحلام إلى عنان السماء.





